Powered By Blogger

الأربعاء، 3 سبتمبر 2014

مـوجــــــة المستقبَل

بعد عقدين من الزمان، وأكثر من نصف مليار دولار، أصبح أكبر مرصد لموجات الجاذبية في العالم (لِيجُو) قاب قوسين من الكشف. ربما!

في مستنقعات ولاية لويزيانا الأمريكية ـ إلى الشرق من مدينة باتون روج ـ لا يمكن للمطاردة اليومية لموجات الجاذبية أن تبدأ فعلًا إلا بعد الظهيرة. فساعات الصباح قضية خاسرة، بفعل الجلبة الضخمة الناجمة عن حركة المرور الهادرة على طول الطريق السريع بين الولايات المجاورة، ودويّ القطارات العابرة، والحطّابين الذين يقطعون الأشجار، مطْلِقِين العنان أحيانًا لمناشيرهم الميكانيكية بمناطق استنبات أشجار الصنوبر.
حتى في هذه اللحظة الآن، السادسة من مساء أحد أيام الأسبوع بشهر مايو (حسبما ذكر المؤلف وقت كتابته المقال)، يحدق ريان دي روزا مستسلمًا في مجموعة من شاشات الحاسوب في غرفة التحكم بمرصد مقياس التداخل الليزري لموجات الجاذبية «ليجو» (LIGO). بدأت شاشات العرض تستقر، لكنها لا تزال تُظهِر اهتزازات لا تُعدّ ولا تُحصى –غير محسوسة للإنسان− تصيب الأرض. والآثار الناتجة عن الزلازل البعيدة، وحركة المرور، وحتى الموجات المتكسرة على ساحل خليج المكسيك على بعد أكثر من مئة كيلومتر، تبدو مثل قمم جبال مسننة.
يعْلَم دي روزا ـ الفيزيائي بجامعة ولاية لويزيانا في باتون روج ـ أن أمامه ليلة طويلة. فهو وعدد من العلماء والمهندسين الآخرين يحاولون إنجاز «قفل كامل» لتحديث رئيس للكاشف؛ لتحقيق سيطرة كاملة على حِزَم ليزر تحت الحمراء تندفع صعودًا وهبوطًا في نفقين، طول كل منهما 4 كيلومترات في قلب منشأة المرصد. وعن طريق التحكم بدقة في مسار أشعة الليزر وقياس رحلتها بتفاصيلها الرائعة، يأمل فريق ليجو أن يراقب التذبذبات المميزة التي تنتجها موجة جاذبية مارّة: تموج خفي في المكان والزمان، تنبأ به ألبرت أينشتاين منذ قرن تقريبًا، ولكنه لم يُلاحَظ مباشرة.
في غضون أسابيع من هذا المساء في شهر مايو الماضي، كان من المتوقع أن يحقق دي روزا وزملاؤه أخيرًا القفل الكامل (حسبما ذكر المؤلف وقت كتابته المقال)، إذ يصل فريق يعمل على كاشف ليجو مماثل بمُجَمّع هانفورد النووي بولاية واشنطن خلال أشهر. وإذا سارت الأمور جيدًا، قد تستأنف الأجهزة المزدوجة ـ التي تكلفت إجمالًا نحو 620 مليون دولار– أخذ البيانات في العام المقبل. ستكون هذه الأجهزة هي الأكثر حساسية بين كاشفات عديدة لموجات الجاذبية بمختلف أنحاء العالم، والتي يتسابق كل منها ليكون أول من يدعي الاكتشاف.
التوقعات والمنافسة قويتان. فإيجاد دليل مباشر على موجات الجاذبية، من شأنه إطلاق حقبة جديدة في علم الفلك. يقول علماء الفلك إن اكتشاف العشرات ثم الآلاف من مصادر موجات الجاذبية سيمنحهم طرقًا جديدة لمشاهدة تصادم الثقوب السوداء، وتدمير النجوم ذاتيًّا، والتذبذب المكاني الزماني. من شأن موجات الجاذبية إذن أن تفتح نافذة جديدة تمامًا على كون ديناميكي ومتغير باستمرار، لكن هناك مشكلة واحدة... فأول نسخة من مرصد ليجو طاردت موجات الجاذبية منذ عقد من الزمان تقريبًا –ولم تجد شيئًا. الآن، مع تحديث كبير لأجهزة المرصد مؤخرًا، يواجه المشروعُ الواقعَ.. ألا وهو صعوبةَ أن يفي أخيرًا بوعوده.

في كل مكان، ولا مكان

نظريًّا، ينبغي أن تكون الأرض غارقة في موجات الجاذبية. ويُعتقَد أنها تأتي من أي حدث كوني يسبب اضطراب نسيج المكان والزمان بقوة كافية، غالبًا بالطريقة نفسها التي تنطلق بها الموجات الزلزالية بسبب حدوث زلزال. يجب أن ينتج نجم محتضر ينفجر كمستعِرة فائقة تسونامي من الموجات الجاذبية. قد تأتي موجات أكثر إيقاعية من دوران جرم كثيف غير متناسق تمامًا –كنجم نيوتروني يغزل بشراسة مع انتفاخ صغير في جانبه. قد يكون زوجًا من الثقوب السوداء أو النجوم النيوترونية، يدور كل منهما حول الآخر، ويقتربان من بعضهما تدريجيًّا حتى يصطدما في اندماج نهائي كارثي، مصدرًا آخر. 

المثال الأخير ليس افتراضيًّا: ففي عام 1974، باستخدام تليسكوب أريسيبو الراديوي في بورتوريكو، اكتشف الفيزيائي جوزيف تايلور ـ من جامعة ماساتشوستس، أمهرست، وتلميذه آنذاك في الدراسات العليا راسل هالس ـ نجمًا ثنائيًّا نيوترونيًّا كهذا بالضبط. على مدى السنوات القليلة التالية، راقب تايلور وهالس توقيت ومضات الراديو من أحد النجمين الدائرين مغزليًّا وهي تتغير قليلًا باستمرار كلما دارا أقرب إلى بعضهما. تطابق هذه التحولات تنبؤ أينشتاين بكيفية حمل الموجات الجاذبية للطاقة بعيدًا عن اصطدام نجمي وشيك (R. A. Hulse and J. H. Taylor Astrophys. J. 195, L51–L53; 1975). كان ذلك أول كشف غير مباشر عن موجات جاذبية، أَهَّلَ هالس وتايلور لنيل جائزة نوبل في الفيزياء في عام 1993.
تمت أول محاولة لرصد الموجات الجاذبية مباشرة في أوائل ستينات القرن الماضي، عندما حاول جوزيف ويبر من جامعة ماريلاند في كولِدج بارك، دون جدوى، مراقبة التذبذبات الناجمة عن موجات الجاذبية المارة عبر أسطوانة ألومنيوم. وفي أواخر الستينات، اقترح الفيزيائي راينر فايس استخدام الليزر، بدلًا من قضيب معدني. ينطوي هذا المفهوم على تقسيم شعاع الليزر إلى اثنين باستخدام متاهة معقدة من المرايا، وإرسالهما أسفل نفقين متعامدين، ثم العودة تارة أخرى. يستفيد هذا التجهيز من طبيعة الموجات الجاذبية المستقطَبة: عندما تمر الموجات من خلال جرم ـ في هذه الحالة النفقَان ـ فإنها تسبِّب تمدده قليلًا بشكل مستمر في اتجاه واحد، وتقلصه في الاتجاه العمودي. اقترح فايس ـ الفيزيائي بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا في كمبريدج ـ إمكانية كشف هذا النوع من الالتواء من خلال إعادة جمع أشعة الليزر المنفصلة باستخدام مقياس التداخل؛ بحثًا عن تحولات صغيرة في طريقة تفاعلها (انظر: «الإمساك بموجة»).
في عام 1992، بعد عقود من التخطيط وإعادة التخطيط، وبناء النماذج الأولية، التزمت مؤسسة العلوم الوطنية الأمريكية (NSF) بإنفاق 272 مليون دولار (تعادل 420 مليون من دولارات 2008) على بناء مقياس التداخل هذا، الذي يسمى الآن مرصد مقياس التداخل الليزري لموجات الجاذبية، أو ليجو. دعت الخطة إلى بناء كاشفين متطابقين، تفصلهما آلاف الكيلومترات، بحيث يمكن لكل مرصد التحقق من نتائجه بالمقارنة بنتائج المرصد الآخر. وتم بالفعل اختيار الموقعين بولاية واشنطن، وليفنجستون في لويزيانا.
ما لم تدع إليه الخطة هو اكتشاف موجة جاذبية -على الأقل ليس قريبًا. يقول باري باريش، الفيزيائي بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا في باسادينا (كالتِك)، الذي ساعد في إقناع مؤسسة العلوم الوطنية بأن تصبح الباحث الرئيس في مشروع ليجو سنة 1994: «كان لدينا هذا الاختيار الدقيق للكلمات وقصة حول ما سنفعله». أولًا، سيكون هناك نموذج ليجو الأوليّ، حيث يتم تطوير وإثبات فاعلية التقنية، ويكون أي اكتشاف مكافأة إضافية. بعد ذلك، تأتي مرحلة ثانية –ليجو المتقدم، الذي يتطلب ضوءًا أخضر منفصلًا من مؤسسة العلوم الوطنية، وسيزيد من حساسية ليجو عدة أضعاف. يقول باريش: «قلنا إنه باستخدام ليجو الأوليّ، سيكون الاكتشاف ممكنًا. وباستخدام ليجو المتقدم؛ سيصبح الاكتشاف محتملًا».
كانت المشكلة أن تقديرات ما يمكن أن يرصده ليجو لا تزال غير يقينية بشكل كبير. يقول فايس: «عندما اقترحنا ليجو بدايةً، كانت المصادر الوحيدة التي فكرنا فيها فعلًا هي نجوم المستعرات العظمى. كنا نظن أننا سنرى مثلًا موجة جاذبية واحدة في السنة، وربما حتى عشرة»، غير أن تَحسُّن المحاكاة الحاسوبية أدى إلى تقليص جذري لكمية طاقة الموجة الجاذبية المتوقعة من هذه الانفجارات. ينبغي أن تنفجر المستعرة قريبًا جدًّا من الأرض؛ ليتمكن ليجو من رصد أي شيء منها.
قلّصت حسابات أخرى عدد المرات التي يُتوقع من ليجو أن يرصد فيها الموجات الجاذبية من نجوم نيوترونية وحيدة متذبذبة. يقول كول ميلر، فيزيائي فلكي نظري بجامعة ميريلاند، ترأس فريقًا استشاريًّا علميًّا خارجيًّا لمشروع ليجو حتى العام الماضي: «كان هناك تفاؤل حول مصادر موجات الجاذبية، اتضح أنه غير مبرر». 
وبمرور الوقت، حصل المرصد على الضوء الأخضر، وأصبح علماء ليجو أكثر تفاؤلًا بشأن أزواج النجوم النيوترونية، كمصدر لموجات الجاذبية. فقد أدركوا أن هذه النجوم عند اصطدامها ترسل إشارة موجات جاذبية نظيفة سهلة الاكتشاف، في مدى التردد حيث يكون ليجو أكثر حساسية. حتى عند حساسية ليجو الأولية المنخفضة نسبيًّا، يمكن للمرصد الكشف عن اندماج اثنين من النجوم النيوترونية ضمن نطاق 20 ميجا فرسخ فلكي (65 مليون سنة ضوئية) من الأرض. ومع ذلك.. تظل تلك تسديدة بعيدة، كما يقول ديفيد رايتسه، المدير التنفيذي لمختبر ليجو، ومقره معهد كالتِك: «كان لا بد لنا أن نكون محظوظين لتحقيق ذلك»، لكنهم لم يكونوا كذلك. فخلال المرحلة الأولى من ليجو، بين عامي 2002 و2010، لم يرصد هانفورد وليفينجستون شيئًا. ومع ذلك.. كانت مؤسسة العلوم الوطنية راضية بما فيه الكفاية عن تقدُّم مسار ليجو، بحيث خصصت 205 ملايين دولار أخرى لمشروع ليجو المتقدم في عام 2008.
ستزيد ترقية وتحديث المرصد ببطء من حساسية الكاشفات بعشرات المرات، بحيث يصبح ليجو المتقدم قادرًا على رصد اندماج النجوم النيوترونية، ليس في نطاق 20 ميجا فرسخ فلكي فقط، بل أيضًا نطاق 150 ميجا فرسخ، أو حتى 200. سيُضاعِف ذلك حجم الفضاء الذي يمكن لليجو رصده بحوالي ألف مرة، وسيحسِّن بشكل كبير من فرصة عثور الكاشف على أحد الأحداث النادرة التي تنتج موجات جاذبية.
تقترح أفضل التقديرات الراهنة لمعدلات اندماج النجوم النيوترونية أنه مع أي فرصة جيدة ـ بافتراض أن النجوم النيوترونية لا تصطدم عند أدنى نقطة بنطاق الاحتمالات، وتنفجر ضمن فضاء البحث خلال فترة الرصد ـ سيرى ليجو المتقدم العديد منها سنويًّا بمجرد بلوغه الحساسية المستهدفة في تصميمه. يقول ستانلي ويتكومب، فيزيائي ليجو المخضرم بمعهد كالتِك، يشغل موقع كبير العلماء في المشروع: «ليس السؤال الحقيقي إنْ كنا سنكتشف موجات جاذبية، أم لا، ولكن هل ستأتي الموجات بشكل متكرر، أم ستكون نادرة».

صخب الجيران

 لكن أولًا ينبغي على فريق ليجو أن ينهي إنشاء النظام المتقدم. في عام 2011، بدأ المهندسون في اقتلاع المكونات من الأنفاق في موقعي ليفينجستون وهانفورد؛ من أجل استبدالها بنسخٍ أكثر تطورًا. يتحدد أداء ليجو من مدى دقته في قياس التشوهات الناشئة عن موجة جاذبية عابرة على طول أذرع مقياس التداخل، البالغ كل منها 4 كيلومترات. في تهيئته الأولية، كان المرصد قادرًا على قياس تلك التشوهات بدقة تصل إلى جزء واحد من 1021 – ما يعادل انزياحًا مقداره واحد على ألف من قطر البروتون. ومن أجل تحسين الحساسية بعشرة أضعاف، أجرى مصممو ليجو عددًا من التغييرات الرئيسة، وبدأوا بسُبل أفضل لعزل الآلة عن الاهتزازت الأرضية العشوائية.
تُعَد الضوضاء الزلزالية مشكلة خاصة في ليفينجستون، حيث يقع الكاشف على بعد كيلومترات قليلة فقط من طريق سريع رئيس بين الولايات وخط للقطارات. كانت الاستطلاعات، التي تعود إلى عام 1988، قد حذَّرت من الضوضاء هناك، لكن المشكلة تبدو مستعصية على الحل. ساعد أيضًا سيناتور ولاية لويزيانا، بينيت جونسون، (المنتمي إلى الديمقراطيين)، الذي كان ضمن اللجنة التي اعتمدت الأموال للمؤسسة الوطنية للعلوم (NSF)، في إعطاء دفعة للمشروع. كان لدى ليفينجستون بعض المزايا العملية بالفعل، تشمل قلة الزلازل، والكثير من الأراضي المُسطَّحة، بالإضافة إلى قربها من مجموعة مؤسِّسة من علماء فيزياء الجاذبية بجامعة ولاية لويزيانا. اعتقد المخططون أن بإمكانهم التعويض عن الضوضاء، عن طريق مجموعة من الأجهزة لتثبيط الحركة الأرضية، لكنهم لم يتمكنوا من ذلك، على الأقل في البداية. وحينما تعالى ضجيج القطارات في الجوار أثناء إحدى التشغيلات العلمية، اهتز مقياس التداخل للغاية إلى الدرجة التي أخرجته عن الخدمة، بل والأسوأ كان قطع الأشجار في المنطقة، التي يُسمّيها براين أورايلي ـ أحد أكبر علماء مختبر ليفينجستون ـ «الهلاك المصاحب لوجودنا بشكل متواصل»، إذ يلوّح بيده من شُبّاك مكتبه في إحباط نحو قطعة أرض قُبالة منشأة ليجو مباشرة، قُطعت بالكامل أثناء وقت مبكر من عمليات الكاشف. ويقول: «لم يكن من الممكن أن نقول لهم مثلًا: من فضلكم توقفوا عن تأدية أعمالكم البالغ قيمتها ملايين الدولارات؛ حتى نتمكن نحن من الكشف عن موجات الجاذبية!». ومع ذلك.. تحدث مشكلة قطع الأشجار فقط في بعض الأحيان، كما استطاع مهندسو ليجو بمرور الوقت ضبط النظام بدقة؛ ليصمد أمام القطارات العابرة.
كأبٍ فخور، يستخدم أورايلي نموذجًا مصغرًا من ليجو المتقدم؛ للإشارة إلى مجموعة من التغييرات الهاجسية التي أُجريت على نظام عزل الضوضاء. في كل ذراع، تتدلى المرايا العاكسة لشعاع الليزر من أسطوانات زجاجية، تتدلى بدورها من ألواح معدنية، تتدلى هي أيضًا من ألواح أخرى. توفّر كل طبقة من نظام التعليق فرصة إضافية لتثبيط الاهتزازت غير المرغوبة. وفي وسط كل هذا الزجاج والمعدن، توجد شفرات حديدية مثلثة الشكل، تعمل كعوازل وقائية إضافية، لتحقق توازنًا دقيقًا لثِقَل ثلاثة أرباع طن من المعدات الهندسية.
يشتمل ليجو المتقدم أيضًا على أشعة ليزرية أكثر قوة، بالإضافة إلى مجموعة من فجوات إعادة التدوير التي تقوم بشكل أساسي بخداع الكاشف؛ ليعتقد أن به فوتونات أكثر مما هو موجود بالفعل، مما يعزز من حساسيته. (هناك حد أقصى لكمية الضوء التي يمكن في الواقع ضخها في ليجو، لأنه كلما زادت كمية الفوتونات الموجودة، زاد إسهامها في خلق تأثير شبيه بالضوضاء البيضاء عند الترددات المرتفعة، مما يُفسد الإشارة).
على الرغم من أن النظام في نموذجه المصغر يبدو مثاليًّا، يواجه المشروع الحقيقي صعوبات إنشائية. في هانفورد، أظهرت المواد التي طليَت بها المرايا الزجاجية المتدلية تدهورًا غير متوقع، ولذلك.. يجري استبدال اثنتين منهما. أما في ليفينجستون، فقد قامت دبابير الطين ببناء أعشاش في العوازل المحيطة بأنبوب الشعاع، حيث تسببت إفرازاتها الغنية بالكلور - التي نجمت جزئيًّا عن أكلها لعناكب الأرملة السوداء السامة - في تسريب بنظام التفريغ. وقد تمت معاجلة التسريب؛ والتخلص من الدبابير.
حتى مع ذلك، واعتبارًا من ليلتي 29 و30 من يونيو الماضي، تمكَّن كاشف ليفينجستون من تحقيق القفل الكامل لأكثر من ساعتين في كل مرة، لينجز بذلك حدثًا بارزًا مبكرًا عن موعده المتوقع بعدة أشهر. وإذا استمر التشغيل بشكل سلس نسبيًّا، تدعو الخطط إلى بدء أول عملية كشف بليجو المتقدم في أواخر عام 2015. أما التشغيل الثاني، الذي يُعد محاولة لائقة للعثور على موجات الجاذبية، فسيتم في شتاء 2016−2017. (يحب فايس الإشارة إلى أن اكتشاف 2016 سيكون بمثابة إحياء لطيف للذكرى المئوية لورقة أينشتاين التي وصف فيها موجات الجاذبية). وبحلول التشغيل العلمي الثالث، المزمع عقده في 2017−2018، ينبغي للآلة أن تصبح بالحساسية الكافية لتظفر بكشف يقيني، حسبما يقول رايتسه.
وهذا الجدول الزمني يعتمد بشكل كبير على مدى سرعة المهندسين في تشغيل كل من كاشفيّ التداخل. وقد قرر الفريق تركيز طاقته على تشغيل الكاشف عند ترددات منخفضة نسبيًّا، حيث يُعتقَد أن الإشارات الصادرة عن النجوم النيوترونية الثنائية تختبئ عندها. لن يقلق الفريق كثيرًا حيال تحسين أداء ليجو عند الترددات المرتفعة، ليلتقط أنواعًا أخرى من الإشارات، كتلك الصادرة عن الثقوب السوداء المتصادمة، ما لم تصبح موجات الجاذبية الأولى بين يديه.

منافسة عالمية

هناك مجموعات أخرى تسعى وراء موجات الجاذبية، وقد تكتشفها فعلًا قبل ليجو. تأتي الموجات الجاذبية في مجموعة متنوعة كبيرة من الأطوال الموجية، مثلها في ذلك مثل الضوء - تمامًا كما تكشف التليسكوبات الراديوية وتليسكوبات الأشعة السينية عن ظواهر مختلفة، فإن كواشف موجات الجاذبية التي تعمل عند نطاقات مختلفة من الأطوال الموجية من شأنها أن تفعل المثل. يقول ديفيد شوميكر، الفيزيائي بمعهد ماساتشوستس للتكنولوجيا، ورئيس ليجو المتقدم: «كلٌّ من تلك التجارب تقوم بشيء مثير».
في شهر مارس من العام الراهن، كانت هناك موجة من الإثارة بشأن الموجات الجاذبية حول إعلانٍ بأن التليسكوب المسمى بايسِب2 (BICEP2) الواقع في القطب الجنوبي تمكَّن من الكشف عن موجات جاذبية بدائية، خلّفها التضخم الكوني الذي وقع بعد لحظات من الانفجار العظيم (انظر Nature 507, 281–283; 2014). تغطي الأطوال الموجية لتلك الاضطرابات الكون بأكمله، وإن كانت خارج نطاق الأطوال الموجية التي يستطيع ليجو أن يكشف عنها. في البداية أعلن فريق بايسِب2 عن التقاط إشارة قوية، ولكن عندما نشر العلماء النتائج التي توصلوا إليها في شهر يونيو (R. A. R. Ade et al. Phys. Rev. Lett. 112, 241101; 2014)، أقروا بأنهم لا يمكنهم استبعاد إمكانية أن «إشارة» الموجة الجاذبية كانت مجرد صنيعة الغبار المجري (انظر: go.nature.com/lruz8e).
ثمة نوع آخر من الصيد يجري من قِبل تعاون شمال أمريكي أوروبي أسترالي من الفلكيين الذين كانوا يراقبون نحو 70 نجمًا نابضًا: نجوم نيوترونية تدور حول نفسها بسرعة لتبث إشارات على فترات زمنية شديدة الدقة. يأمل أعضاء فريق المصفوفة الدولية لتوقيت النوابض (IPTA) التقاط موجات جاذبية عابرة من خلال الطريقة التي تؤثر بها على توقيت النبضات. وسيكون من حسن حظهم إذا كشفوا عن إحدى تلك الإشارات، قبل أن يفعل ليجو المتقدم، حسب قول الرئيس المساعد لفريق المصفوفة، سكوت رانسوم، فَلَكِيّ بجامعة فرجينيا في شارلوتسفيل، ولكنْ حتى مع ذلك ـ كما يقول ـ «أُمَازِح فريق ليجو دائمًا بأننا قد نصبح الحصان الأسود».
إن الموجات الجاذبية التي يتم العثور عليها من خلال توقيت النوابض ستكون أيضًا أنواعًا مختلفة للغاية عن تلك التي يسعى ليجو وراءها، حيث إنها مُنبعثة من مصادر مثل الثقوب السوداء الفائقة، التي ستتسبب ضخامة كتلتها في جعل ترددها الاندماجي أقل بكثير مما يستطيع مقياس تداخل مثل ليجو أن يراها. ورغم ذلك.. يقول جوزيف جيامي ـ رئيس مرصد ليفينجستون ـ إنّ أي كشف مباشر من شأنه أن يُنعش ذلك المجال «يمكن الاستمرار لعقود عديدة، دون الكشف عن أي شيء، قبل أن يبدأ بعض الناس في الاعتقاد أن الأمر محض شعوذة».
ما يمكن اعتباره أقرب منافس لليجو المتقدم، هو أيضًا أقرب حلفائه. فيرجو (العذراء) الكائن في كاشينا بإيطاليا، وهو أشبه بشقيق ليجو الأصغر: فهو مقياس تداخل ليزري بأذرع، طول كل منها 3 كيلومترات، ويمكن أن يبلغ نحو ثلاثة أرباع حساسية ليجو فقط.
يقوم فيرجو بمطاردة المصادر نفسها مثل ليجو، ويركز بشكل أساسي على النجوم النيوترونية المتصادمة. وقد بدأ العمل في عام 2007، ولم يرصد أي موجات جاذبية حتى الآن. ولكنه هو أيضًا في منتصف عملية تحديث كبيرة، ومن المقرر أن يدخل الخدمة في غضون عام من بعد ليجو المتقدم. يتبادل العلماء من كلا الكاشفين البيانات فيما بينهم، ويتعاونون بشكل وثيق، حيث إن جمع البيانات معًا يجعل عملية التحليل أكثر قوة، حسبما يقول جيوفاني لوسوردو، رئيس مشروع فيرجو المُتقدم في المعهد القومي للفيزياء النووية في فلورنسا بإيطاليا. والأهم من ذلك.. أن وجود مقياس تداخل آخر في قارة مختلفة سيساعد الفلكيين في تحديد موقع مصدر أيٍّ من إشارات الموجات الجاذبية.
بينما يكون فيرجو وليجو خارج الخدمة من أجل عمليات التحديث، هناك آلة ثالثة تراقب السماء. إنه «جيو600» (GEO600) - مقياس تداخل، مقره هانوفر بألمانيا، يمتلك ذراعين، طول كل منهما 600 متر - الأقل حساسية بكثير من نظرائه الأكبر، ولكنه أفضل من لا شيء، في حال وقوع حدث كبير يُنتج موجات جاذبية. أصبح هذا الأمر واضحًا في أواخر شهر مايو، حينما أعلن تليسكوب سويفت الفضائي التابع لوكالة ناسا عن وقوع انفجار عالي الطاقة في مجرة المرأة المسلسلة المجاورة. وقد تبين أنه إنذار كاذب، ولكن إن كان انفجار نجمي حقيقي تم بهذا القُرب، سيكون ليجو وفيرجو قد أضاعا بذلك فرصة حدث يقع مرة واحدة في العمر. يقول جابريال جونزالِز، فيزيائي بجامعة ولاية لويزيانا، والمتحدث باسم التعاون العلمي الخاص بليجو، «الكابوس بالنسبة لي هو أن يحدث ذلك قبل أن نقوم بتشغيله».
يبني العلماء اليابانيون مقياس تداخل آخر: كاشف كاميوكا للموجات الجاذبية (KAGRA)، سيُدفن عميقًا في منجم، ويمكن أن يصبح جاهزًا للعمل في وقت مبكر من عام 2018. وفي أوروبا، يحلم العلماء بتليسكوب أينشتاين، الذي يتضمن أذرع، طول كل منها 10 كيلومترات، مزروعة على هيئة مثلث، لكنْ بتكلفة تناهز المليار جنيه إسترليني على الأقل (1.4 مليار دولار أمريكي)، يبقى تليسكوب أينشتاين مجرد أمل في الوقت الحالي. وبالمثل، أجَّلت وكالة الفضاء الأوروبية الإطلاق المُقترح لصياد الموجات الجاذبية الفضائي، هوائي مقياس التداخل الليزري الفضائي (LISA)، حتى عام 2034.
وحتى مع محاولة رؤساء المشروع للنهوض بليجو المتقدم وتشغيله، فإنهم يضغطون أيضًا من أجل وضع كاشف آخر في الهند، حيث سيسمح للفلكيين بتحديد موقع مصدر موجات الجاذبية بدقة أكبر. بنى مهندسو ليجو بالفعل مجموعة من المكونات، وقاموا بتخزينها في هانفورد. وهم في انتظار حكومة الهند الجديدة لتختار موقعًا وتوافق على التمويل. وبناءً على الوقت الذي سيحدث فيه ذلك، فإن ليجو الهندي يمكن أن يكون جاهزًا للعمل بحلول عام 2022 بتكلفة كلية تُقدَّر بحوالي 350 مليون دولار أمريكي.
بالعودة إلى الولايات المُتحدة، فإن ليجو المتقدم لديه الأموال الكافية لتشغيله حتى أكتوبر 2018، إلا أنه إذا لم يصل إلى الحساسية المُصمَّم من أجلها بحلول ذلك الوقت، سيحصل بالكاد على تمويل تشغيلي من مؤسسة العلوم الوطنية لمواصلة المحاولة لخمس سنوات أخرى، كما يقول العلماء. والمزيد من التحديث لتقليل الضوضاء الصادرة عند الترددات المرتفعة سيزيد من حساسيته أكثر من ذلك.
رغم أن معظم العلماء متفائلون بأن ليجو المتقدم سيحقق اكتشافًا في النهاية، ليس هناك ضمان لذلك. يقول باريش: «إذا وصلنا إلى الحساسية المُصَمَّم من أجلها، ولم يقم بأي كشف، ستعود الكثير من الأشياء إلى لوحة الرسم للمراجعة النظرية. وإذا فشلنا، فإننا لا نتوقع أن تقوم مؤسسة العلوم الوطنية بكفالته بطريقة أو بأخرى».
في الوقت الراهن، يقع مستقبل ذلك المجال بين يدي دي روزا وزملائه. إنه عابس، في حيرة من أمره، أمام شاشة متوهجة في غرفة التحكم في ليفنجستون، فثمة شيء لا يزال غير صحيح تمامًا بشأن الكيفية التي يرتد بها الضوء عن مرآة معينة بالآلة. يحين وقت العشاء، فيقوم ليجمع الآخرين بالغرفة؛ ويتوجهوا إلى مطعم مكسيكي؛ من أجل استراحة قصيرة.
بينما ينسحبون من موقف السيارات، تظهر سلسلة من التموُّجات على شاشات ليجو. لقد التقطت الكواشف فائقة الحساسية الهدير المُنبعث من سيارات الباحثين، مبتعدين في ظُلمة الليل.

المصدر : مجلة NATURE بالعربي

الأحد، 24 أغسطس 2014

مبدأ الريبة (الشك) :-

يعتبر مبدأ عدم التأكد أو مبدأ الريبة أو مبدأ اللايقين أو مبدأ الشك من أهم المبادئ في نظرية الكم بعد أن صاغه العالم الألماني هايزنبرج عام 1927 وينص هذا المبدأ على أنه لا يمكن تحديد خاصيتين مقاستين من خواص جملة كمومية إلا ضمن حدود معينة من الدقة، أي أن تحديد أحد الخاصيتين بدقة متناهية (ذات عدم تأكد ضئيل) يستتبع عدم تأكد كبير في قياس الخاصية الأخرى، ويشيع تطبيق هذا المبدأ بكثرة على خاصيتي تحديد الموضع والسرعة لجسيم أولي. فهذا المبدأ معناه أن الإنسان ليس قادرا على معرفة كل شيء بدقة 100%. ولا يمكنه قياس كل شيء بدقة 100%، إنما هناك قدر لا يعرفه ولا يستطيع قياسه. وهذه الحقيقة الطبيعية تخضع للمعادلة المكتوبة أدناه والتي يتحكم فيها h ثابت بلانك.
ونتائج هذا المبدأ شيء هائل حقاً، فإذا كانت القوانين الأساسية للفيزياء تمنع أي عالماً مهما كانت له ظروفا مثالية للحصول على معلومات مؤكدة تماما. فما يقوم بقياسه يحتوي طبيعيا على قدر من عدم الدقة لا يستطيع تخطيه ، لأنه قانون طبيعي . فهذا هو منطوق مبدأ عدم التأكد . ومعنى ذلك أنه لا يستطيع أن يتنبأ بحركة الأشياء مستقبلاً بدقة متناهية، بل تظل هناك نسبة ولو صغيرة من عدم التأكد . ومعنى هذا المبدأ أنه مهما كان الإحكام وتطوير وسائلنا في القياس فلن يمكننا ذلك من التوصل إلى معرفة كاملة للطبيعة من حولنا.
وقد وصف هايزنبرج تلك النتيجة الباهرة لمبدأ عدم التأكد عندما نفي سريان المقولة :" أنه يمكننا معرفة المستقبل إذا عرفنا الحاضر بدقة " وقال : إن عدم استطاعتنا معرفة المستقبل لا تنبع من عدم معرفتنا بالحاضر ، وإنما بسبب عدم استطاعتنا معرفة الحاضر" .
ومبدأ عدم التأكد، أو عدم اليقين معناه أن علم الفيزياء لا يستطيع أن يفعل أكثر من أن تكون لديه تنبؤات إحصائية فقط. فالعالم الذي يدرس النشاط الإشعاعي للذرات مثلا، يمكنه أن يتنبأ فقط بأن من كل ألف مليون ذرة راديوم مليونان فقط سوف يصدران أشعة جاما في اليوم التالي، لكنه لا يستطيع معرفة أي ذرة من مجموع ذرات الراديوم سوف تفعل ذلك. ويمكننا القول أنه كلما زادت عدد الذرات كلما قل عدم التأكد وكلما نقص عدد الذرات كلما زاد عدم التأكد. وكانت هذه النظرية مـُقلقة للعلماء في وقتها لدرجة أن عالماً كبيراً مثل أينشتاين قد رفضها أول الأمر. وهو الذي قال " إن عقلي لا يستطيع أن يتصور أن الله يلعب النرد بهذا الكون" متناسياً إدراكه الشخصي. ومع ذلك لم يجد العلماء أمامهم إلا قبول هذه النظرية التي اهتدى إليها هايزنبرج والتي وضحت للإنسان خاصية هامة من خواص هذا الكون.
الصيغة الرياضية لمبدأ عدم التأكد :
\triangle P_x \triangle x \simeq h
حيث :
\triangle P_x عدم التأكد في كمية الحركة.
\triangle x عدم التأكد للموقع.
h ثابت بلانك.
والمعادلة توضح أن حاصل ضرب عدم التأكد في تعيين موضع الجسيم في عدم التأكد في تعيين كمية حركتة لا بد وأن يكون يساوي أو أكبر من المقدار \ h وعلى ذلك لا يمكن أن يكون حاصل ضرب عدم التأكد للموقع في عدم التأكد في تعيين كمية حركة الجسيم لا يمكن أن تكون صفراً ، وهذا ما أدهشه وأدهش العلماء آنذاك واحتج الكثيرون على تلك النتيجة واعتبر بعضهم أن حسابات هايزنبرج هراء ، واشتدت المناقشات وأجريت تجارب واقعية وتجارب تخيلية لتفنيد هذا المبدأ ، ولكن ثبتت صحة المبدأ عملياً وفكرياً ، وأصبح هذا المبدأ من مفاهيمنا الحديثة للطبيعة ، وعمل على تعميق جذري لفهمنا للطبيعة حولنا وفي الكون بصفة عامة .
عدم التأكد الحاصل هو نتيجة أيضا لعملية القياس نفسها، والتي تؤثر فيها أجهزة القياس على الكميات المقاسة، بما فيها الضوء المستخدم نفسه. فعلى هذا المستوي الصغير ، عند التعامل مع
وطبقاً إلى إحدى صيغ مبدأ عدم التأكد أن الطاقة والزمن تحكمهما العلاقة :ذرات و جزيئات وجسيمات أولية نقوم بتصويب فوتونات لقياس سرعة الجسيم بدقة معينة ، ثم نصوب فوتوناً آخر لقياس موضع الجسيم ، ولنظراً لأن الفوتون له طاقة تقوم بدفع الجسيم عند الإصطدام به فيتغير موضعه ، وبالتالي فإننا لا نستطيع تحديد موقعه بدقة ولا تحديد سرعته بدقة .
\Delta E \Delta t \approx {h \over 2 \pi}
حيث E الطاقة ، و t الزمن
و h ثابت بلانك.

ميكروسكوب هايزنبرج لأشعة جاما لتحديد موضع الإلكترون (كما هو موضح باللون الأزرق)، أشعة جاما المنعكسة (كما هو موضح باللون الأخضر) تشتت من قبل الإلكترون بزاوية θ من فتحة الميكروسكوب، شعاع جاما المشتت يظهر باللون الأحمر، تفسر البصريات الكلاسيكية أن موضع الإلكترون لا يمكن معرفته إلا من خلال عدم التأكد في الموضع Δx الذي يعتمد على الزاوية θ و الطول الموجي λ للشعاع المنعكس.



اعداد : طارق حسين

الاثنين، 18 أغسطس 2014

المفاعل النووي


المفاعل النووي هو عبارة عن جهاز يستخدم لبدء تفاعل نووي متسلسل مُسْتَدَام وللتحكم فيه، أو بتعبير أدق للسيطرة عليه. فمن خلال السيطرة على عمليات الانشطار النووي المتسلسلة داخل قلب المفاعل مع الحفاظ على الأجواء المناسبة لاستمرار تلك العمليات بشكل دائم دون وقوع انفجارات، تنساب الطاقة النووية من المفاعل بشكل تدريجي.
بشكل عام، هناك نوعان من المفاعلات النووية، نوع يستخدم في محطات الطاقة النووية لتوفير الطاقة اللازمة لإنتاج الكهرباء ومن الأمثلة عليه مفاعل ڤي ڤي إي آر، كما يسنخدم أيضاً في تسيير السفن. وتعمل تلك المفاعلات عند درجات حرارة عالية. وفيها يتم تمرير الحرارة الناتجة من الانشطار النووي إلى سوائل التشغيل (ماء أو غاز)، التي تمر بدورها عبر توربينات. وتقوم تلك التوربينات بتحريك مراوح السفينة أو بتدوير المولدات الكهربائية. ويمكن استخدام البخار المتولد من تلك المفاعلات من حيث المبدأ في الأغراض الصناعية أو استخدام الحرارة المتولدة لتدفئة المناطق المدنية.
أما النوع الآخر من المفاعلات فتعمل على توفير الإشعاع الذرى، والذي يستخدم لإنتاج الوقود النووي أو لعمل نظائر مشعة لاستخدامها في الطب أو لأغراض صناعية. كما يستخدم لأغراض البحث العلمى ولأغراض أخرى مثل تحويل عناصر كيميائية معينة إلى عناصر أخرى أو لإزالة الأملاح والمعادن من الماء للحصول على الماء النقي أو لإنتاج البلوتونيوم لتصنيع الأسلحة النووية.
جميع المفاعلات النووية تتكون من وعاء ثقيل يشبه الصهريج أو الخزَّان يحوى داخلة "قلب" Core من الوقود النووي. معظم المفاعلات تحتوي أيضاً على "مُهَدِّئ" Moderator لإبطاء سرعة النيوترونات إلى النقطة التي يمكن عندها جعل التفاعل المتسلسل يدوم دون أن يتوقف أو يزيد عن الحد. كل المفاعلات تحتوى أيضاً على "مُبَرِّد" Coolant للتخلص من الحرارة الناتجة عن التفاعل النووي، ما عدا المفاعلات ذات الطاقة المنخفضة جداً. ويتم تنظيم سرعة التفاعل النووي أو "السيطرة عليه" من خلال "نظام للتحكم" Control System. كما تُفْرَض احتياطات للسلامة صارمة جداً في تشغيل المفاعلات، ومعالجة منتوجات التفاعل الثانوية المشعة والتخلص من النفايات الخطرة.
ويتوقع بعض الخبراء نقصاً في الطاقة الكهربائية في المستقبل البعيد نتيجة ظاهرة الانحباس الحرارى التي تسببها الانبعاثات الناتجة عن الأنشطة البشرية مثل الانبعاثات الناتجة عن عمليات تكرير النفط ومحطات توليد الطاقة وعوادم السيارات وغيرها. لذا فهناك اعتقاد سائد بان الطاقة النووية هي السبيل الأمثل لسد هذا النقص في المستقبل.

نبذة تاريخية :-

يعتبر إنريكو فيرمي عالم في الفيزياء من إيطاليا والذي حاز على جائزة نوبل في الفيزياء عام 1938 وغادر إيطاليا بعد صعود الفاشية على سدة الحكم واستقر في نيويورك في الولايات المتحدة من أوائل من اقترحوا بناء مفاعل نووي حيث اشرف مع زميله ليو زيلارد Leó Szilárd الذي كان يهوديا من مواليد هنغاريا على بناء أول مفاعل نووي في العالم عام 1942 وكان الغرض الرئيسي من هذا المفاعل هو تصنيع الأسلحة النووية. في عام 1951 تم وللمرة الأولى إنتاج الطاقة الكهربائية من مفاعل أيداهو في الولايات المتحدة.

يتكون المفاعل النووي من الأجزاء التالية :-

مركز المفاعل أو قلب المفاعلوهو الجزء الذي يحتوي على وحدات الوقود النووي وتتم فيه سلسلة الانشطار النووي.
السائل المهدئ moderator ويستعمل الماء عادة لخفض سرعة النيوترونات وبالتالي معدل الانشطار النووي كما أنه ينقل الحرارة الناتجة من التفاعل النووي ويتحول جزء منه إلى بخار عال الضغط، يستغل في تشغيل التوربين.
حاويات تحيط بقلب المفاعل والماء، مصنوعة من الحديد الصلب ذات جدران سميكة(نحو 25 سم)، للاحتفاظ بضغط البخار عاليا، ولمنع تسرب الأشعاعات الناتجة من الأنشطار النووي إلى الخارج والوقاية منها. يخرج بخار الماء بضغط يبلغ 400 ضغط جوي وتكون درجة حرارته نحو 450 درجة مئوية بواسطة أنابيب متينة من حاوية المفاعل، وهي تسمى أحيانا خزان الضغط للمفاعل .
مبادلات حرارية يأتي البخار عالى الضغط من المفاعل إلى المبادلات لفصل دائرتي الماء، الدائرة الأولية التي تلف في المفاعل وهذه تكون عالية الإشعاع نظرا لتلامسها مع الوقود النووي. لذلك تُفصل عن الدائرة الثانوية للماء الساخن المضغوط، ويتحول هذا الماء في الدائرة الثانوية عند مغادرته المبادل الحراري إلى بخار ماء عالي الضغط والحرارة ويوجه إلى توربين لتوليد الكهرباء.
مولد كهربائي عملاق يديره التوربين ويولد التيار الكهربائي.
بذلك تتحول الطاقة النووية إلى طاقة حرارية ثم إلى طاقة حركة للتوربين والمولد الكهربائي الذي يحولها إلى طاقة كهربائية لشغيل المصانع وإنارة المنازل.

الحالة الحرجة :-

بهدف تحفيز سلسلة عمليات الانشطار النووي في مركز المفاعل النووي، يستعمل ما يسمى بالوقود النووي وهو في الغالب اليورانيوم-235 أو البلوتونيوم-239. والفكرة تكمن في تحفيز انشطار أنوية ذرات اليورانيوم-235 والبلوتونيوم-239 لايصالهما إلى مرحلة ما يسمى الكتلة الحرجة.
لتوضيح مفهوم الكتلة الحرجة تصوّر أن هناك كرة بحجم قبضة اليد مصنوعة من يورانيوم-235، بعد تحفيز أولي لعملية الانشطار النووي بواسطة تسليط حزمة من النيوترون على الكرة سيتولد في المتوسط عدد 2.5 من النيوترونات جراء هذا الانشطار الأول لنواة ذرة اليورانيوم-235. وهذا يكون كافياً لبدء انشطار ثانٍ في نواة أخرى من اليورانيوم-235. وأثناء هذه التفاعلات التسلسلية من الانشطارات في اليورانيوم يُفقد الكثير من النيوترونات الناتجة عن التفاعل وتخرج من سطح كرة اليورانيوم، وبفقد تلك النيوترونات يتوقف التفاعل النووي. لهذا يجب أن يكون معدل توليد النيوترونات داخل الكرة مساوٍ على الأقل لعدد النيوترونات المتسربة إلى الخارج حتى تستمر عمليات الانشطار، وتسمى تلك الحالة الحالة الحرجة. وهنا يأتي دور الكتلة الحرجة التي يمكن تعريفها بالحد الأدنى من كتلة مادة نووية معينة كافية لدوام سلسلات متعاقبة من الانشطارات.
إذا كان العنصر المستخدم في عملية الانشطار النووي ذو كتلة يتطلب تسليطاً مستمراً بالنيوترونات لتحفيز الانشطار الأولي للنواة فإن هذه الكتلة تسمى بالكتلة دون الحرجة.
إذا كان العنصر المستخدم في عملية الانشطار النووي ذو كتلة قادرة على تحمل سلسلات متعاقبة من الانشطار النووي حتى بدون أي تحفيز خارجي بواسطة تسليط نيوترونات خارجية فيطلق على هذه الحالة الكتلة فوق الحرجة وهي المرحلة المطلوبة لتصنيع القنبلة النووية.


الكعكة الصفراء :-

تعتبر كل من أستراليا وكازاخستان وكندا وجنوب أفريقيا والبرازيل وناميبيا من أكبر الدول المصدرة لليورانيوم، ويباع عادة بسعر يتراوح من 80 - 100 دولار للكيلوغرام الواحد وبعد الحصول عليه يتم طحنه وتحويله إلى ما يسمى بالكعكة الصفراء التي يتم تحويلها فيما بعد إلى هيكسافلوريد اليورانيوم uranium hexafluoride ويتم بعد ذلك عملية اخصاب اليورانيوم.

المكونات :- 

غرفة المراقبة للمفاعل النووي.
المكوّنات الرئيسية الشائعة في أكثر أنواع محطات الطاقة النووية هي:
الوقود النووي
قلب المفاعل
مهدئ النيوترون
قضبان تحكم (تمتص النيوترونات)
غلاية
عنفة بخارية
مولد كهربائي
مكثف الماء
برج تبريد (غير مطلوب دائما)
نظام وقائي (منع الانفجار)
بناية الاحتواء
غرفة المراقبة
وسائل العمليات المستعجلة
حوض تخزين الوقود المستهلك

تخصيب اليورانيوم :-

عملية التخصيب عبارة عن عزل نظائر عناصر كيميائية محددة Isotope separation من عنصر ما لغرض زيادة تركيز نظائر أخرى للحصول على مادة تعتبر مشبعة بالنظير المطلوب على سبيل المثال عزل نظائر معينة من اليورانيوم الطبيعي للحصول على اليورانيوم المخصب واليورانيوم المنضب. وتتم عملية التخصيب على مراحل حيث يتم في كل مرحلة عزل كميات أكبر من النظائر الغير مرغوبة حيث يزداد العنصر تخصيبا بعد كل مرحلة لحد الوصول إلى نسبة النقاء المطلوبة.
على سبيل المثال اليورانيوم المخصب عبارة عن يورانيوم تمت زيادة نسبة نظائر اليورانيوم-235 فيه وازالة النظائر الأخرى. وعملية التخصيب هذه صعبة ومكلفة وتكمن الصعوبة ان النظائر الذي يراد ازالتها من اليورانيوم شبيهة جدا من ناحية الوزن للنظائر الذي يرغب بالإبقاء عليها وتخصيبها ويتم عملية التخصيب باستخدام الحرارة عبر سائل أو غاز لتساهم في عملية عزل النظائر الغير المرغوبة وهناك طرق أخرى أكثر تعقيدا كاستعمال الليزر أو الأشعة الكهرومغناطيسية.
وتبلغ نسبة اليورانيوم-235 الذي يراد تخصيبه من اجمالي ذرة اليورانيوم الطبيعي نسبة 0.7% فقط ولكن هذا الجزء هو المرغوب فيه لكونه اخف من ناحية الكتلة من الأجزاء الأخرى من اليورانيوم الطبيعي. الجزء المتبقي من اليورانيوم الطبيعي بعد استخلاص جزء اليورانيوم-235 يسمى اليورانيوم-238. تم تخصيب اليورانيوم لأول مرة في الولايات المتحدة بعد الحرب العالمية الثانية حيث تم بناء 3 من المفاعلات النووية في ولايات تينيسي وأوهايو وكنتاكي وكانت الطريقة المستعملة عبارة عن ضخ كميات كبيرة من اليورانيوم على شكل غاز يورانيوم هيكسافلوريد uranium hexafluoride إلى حواجز ضخمة تحوي على ملايين الثقوب الصغيرة جدا وبهذه الطريقة يتم انتشار اليورانيوم-235 (وهو الجزء المطلوب) بسرعة أكبر نسبة إلى اليورانيوم-238 (وهو الجزء الغير مرغوب فيه لكونه أثقل) وتم استغلال الفرق في سرعة الأنتشار وجمع كميات هائلة من اليورانيوم-235 وتمتلك الولايات المتحدة يورانيوم مخصب من النوع العالي الخصوبة بنسبة 90%. ومن أساليب التخصيب الأخرى الأسلوب الذي يعرف بالترشيح ويعتمد هذا الأسلوب على أنه بين النظيرين الموجودين في غاز سداسي فلوريد اليورانيوم، فإن اليورانيوم-235 ينتشر بسرعة أكثر عبر مرشح خاص عن السرعة التي ينتشر بها النظير الأثقل، اليورانيوم-238. وكما هو الحال مع أسلوب الطرد المركزي، يلزم تكرار هذه العملية مرات عديد
وتقاس قدرة محطات تخصيب اليورانيوم في شروط 'وحدات أعمال الفصل أو وحدة فصل. وحدة فصل وحدة معقدة وهي وظيفة من كمية اليورانيوم المعالج (أي مدى الزيادة في تركيز نظير اليورانيوم 235 بالنسبة للفترة المتبقية) ومستوى استنفاد الباقي. وحدة بشكل صارم : كيلو مفرق وحدة العمل، وأنه يقيس كمية من أعمال الفصل تنفيذ لتخصيب كمية معينة من اليورانيوم مبلغ معين. فإنه يدل بالتالي من الطاقة المستخدمة في تخصيب اليورانيوم عندما يتم التعبير عن كميات الأعلاف والمنتجات في كمية الحجم. على سبيل المثال، لإنتاج كيلوغرام واحد من اليورانيوم المخصب إلى 5 ٪ يو - 235 يتطلب 7،9 وحدة فصل إذا تم تشغيل المصنع في ذيول فحص 0،25 ٪، أو وحدة فصل 8،9 إذا كان فحص ذيول هو 0،20 ٪ (مما يتطلب سوى 9،4 كيلوغرام بدلا من 10،4 كيلوغرام من النواه الطبيعية). هناك دائما المفاضلة بين تكلفة وحدة فصل وتخصيب اليورانيوم تكلفة.

المشاكل وتدوير المواد النووية :-

المشكلة الكبرى تكمن في كيفية التخلص من المخلفات النووية الناتجة في المفاعلات النووية. وعادة ما يوضع اليورانيوم المستهلك في احواض مائية كبيرة لمدة عشرات السنين لغرض تخفيض أشعاعها النووي إلى حد يسهل معاملتها صناعيا بعد ذلك. وعندها يمكن اختيار طريقة من بين طريقتين لمعاملتها : أما تجهيزها وتغليفها استعدادا لدفنها في الطبقات الجيولوجية العميقة (على عمق 800 إلى 1000 متر) تحت الأرض بعيدا عن السكان، أو الطريقة الأخرى وتتضمن معالجة اليورانيوم المستهلك كيميائيا لفصل البلوتونيوم-239 عن النفايات المشعة. بعد ذلك يمكن استغلال البلوتونيوم-239 في تصنيع كابسولات جديدة يمكن اعادة استخدامها في المفاعل لتوليد الطاقة الكهربائية، إذ أن البلوتونيوم-239 له نفس الخواص النووية التي يتميز بها اليورانيوم-235 ويصلح لإنتاج الطاقة الكهربائية. أما النفايات المتبقية من المعاملة الكيميائية فيمكن التخلص منها أولا بخلطها بمسحوق الزجاج ثم صهر المخلوط فتصبح النفايات محتجزة في الزجاج الذي يـُصب في أوعية أسطوانية من الحديد الصلب أرتفاعها 120 سم وقطرها 40 سم. وتخزن تلك الأسطوانات شديدة الإشعاع إلى حين بناءالمطرح النهائي للتخلص منها تحت الأرض. والمهم في الطريقة الثانية لمعالجة اليورانيوم المستهلك أنها طريقة لتدوير المواد النووية لاستعادة استخدامها من خلال العملية الكيميائية لفصلها عن النفايات المشعة.وقد اختارت أنجلترا وفرنسا هذا الطريق لما له من فائدة نحو تدوير المواد النووية وإعادة استخدامها. وتقوم كل من إنجلترا في سيلافيلد Sellafield وفرنسا في لاهاج La Hague بتدوير المواد النووية المستهلكة الناتجة من تشغيل مفاعلاتهم.

اعداد : طارق حسين

الأحد، 10 أغسطس 2014

ضوء الليزر يمكنه جعل لقاح الانفلونزا أكثر تأثيرا بسبعة أضعاف


عند تلقي اللقاح، عادة ما يتمُ حَقنهُ في العَضلة تحت الجلد باستعمال الإبرة. لكن اللقاحات التي تؤخذ عن طريق الجلد يمكن أن تستخدم معها طرق أصغر كالوخز بالدبوس، قد تكون مفيدة للأشخاص الذين يتخوفون من الإبر, مثل الأطفال. هذه اللقاحات الجلدية يمكن أن تكون نسبيا بدون ألم, ومن المحتمل أن تستهلك كميات أقل من مواد اللقاح. لسوء الحظ, فإن الكيماويات المساعدة التي تستخدم في اللقاحات العضلية يمكن أن تسبب ندوبا وتقرحات, ولهذا السبب فهناك حاجة ماسة لمواد مساعدة جديدة في اللقاحات الجلدية, كما كتب مختلف الباحثين.

إن المواد المساعدة هي مواد كيميائية مثل أملاح الالمنيوم والزيوت، تعمل عبر تقليد مكونات المسببات للمرض (مثل جدار خلية البكتريا) التي تطور الجهاز المناعي لتمييزها والتفاعل معها.

دراسة جديدة على أنواع مختلفة من الحيوانات تقترح أن تسليط الضوء لفترة قصيرة على المنطقة التي سيتم فيها حقن اللقاح بواسطة الليزر، من الممكن أن تزيد من تأثير لقاح الانفلونزا, بين 4 الى 7 أضعاف, كما تم قياسها بعدد الأجسام المضادة التي ينتجها الجسم, مقارنة بعدم استخدام ضوء الليزر. فائدة هذه الطريقة هي عدم الحاجة إلى استخدام مواد كيميائية مساعدة. وبالتحديد عند مقارنتها بلقاح اعتيادي عضلي للأنفلونزا يكون غير واضح, عندما تم أجراء هذه الدراسة على الفئران والخنازير, رغم أن الباحثين اقترحوا ان هذه التقنية يمكن نقلها إلى البشر ( بما ان جلد الخنزير وجهازه المناعي, بين العديد من الأشياء, مشابه للذي عند البشر).

تكوّن أجهزة الليزر شقوق صغيرة ضمن الجلد تسمى “المناطق الحرارية الصغرى”, والتي تعالج نفسها بنفسها خلال بضعة أيام, كما يكتب المؤلفون في دراسة يصفون بها التقنية, تم طبعها في مجلة Nature.

قبل موتها, تقوم الخلايا التي تموت بإرسال اشارات “خطر ” تقوم بإخبار الجسم ليستجيب للفيروسات والغزاة الاخرين, وتستدعي نوعا من مستكشفي المناعة يسمى الخلايا الجذعية البلازمية شبه الخلوية.

هذه الخلايا تساعد الجسم في التمييز والتفاعل مع فيروس الأنفلونزا, يكتب المؤلفون, كما أن لهذه التقنية تأثيرات جانبية أقل مقارنة بالمواد الكيميائية المساعدة التقليدية، وتمكننا من تجنب بعض المواد المساعدة, مثل الالمنيوم, الذي قد يكون ضارا في التراكيز العالية وهو الخصم المفضل (إلى جانب الزئبق) عند معارضي اللقاحات.

إن نوع الليزر المستخدم في هذه الدراسة تم تطويره في الأصل لأغراض التجميل, لجعل الجلد يبدو أكثر شبابا, كما ذكر موقع Neomatica. وتؤدي المناطق الحرارية الصغرى إلى نمو جديد في الخلايا الظهارية, التي لها القدرة على إعطاء الجسم مظهرا أكثر شبابا.


المصدر : http://ibelieveinsci.com/?p=2305

الثلاثاء، 5 أغسطس 2014

أشعة جاما (Gamma Ray)

هي أشعة كهرومغناطيسية وبذلك تشبة الموجات الضوئية عدا أن طول موجتها أقل كثيراً من الطول الموجي للضوء وتحمل طاقة عالية جداً وتندفع بسرعة الضوء ولها قدرة عالية على اختراق أي جسم يعترض طريقها ولا يحجزها الا الواح سميكة من الرصاص .
وتنبعث أشعة جاما من النوي المشعة على شكل حزمات من الطاقة تدعى الفوتونات ( Photons) وعادة يصاحب إطلاق جسيمات في نفس المستوى ويمكن لأشعة جاما النفاذ خلال كل الأوساط تقريباً حيث أنها تقتل أية خلية حيه تمر خلالها لذلك فأنها تستخدم طبياً في قتل الخلايا السرطانية دونما الحاجة إلى جراحة في بعض الحالات وتعتبر أشعة (جاما) خطراً لانها تخترق الجسم بسهولة لتصل إلى الأعضاء الحيوية الداخلية فتؤذيها .
لذلك يجب أن تكون على حذر ولا نعرض أنفسنا للاضرار فلا تقف كثيراً تحت أشعة الشمس حتى لا نعرض أجسامنا للحروق والأضرار .
والعمال الذين يحتمل تعرضهم لاشعة جاما يحملون علامات مميزة من أفلام تتكون من طبقة فوتوغرافية حساسة لتوضح كمية الإشعاعات التي يتعرضون لها لتتوفر لهم الحماية اللازمة.

خصائص أشعة جاما :

كما ذكرنا سابقا تنبعث أشعة جاما النوى المشعة على شكل حزمات من الطاقة تدعى الفوتونات ( Potons) وعادة يصاحب اطلاق جسيمات بيتا في نفس المستوى وتكون لها طاقات في نفس المجال .
أن أشعة جاما تبلغ عدة آلاف من الإلكترون فولت إلى بضعة ملاين ، ولكنها مخالفة لجسيمات بيتا التي تبطئ عند فقدها الطاقة وينتهي الأمر بإرتباطهما بالذرة بينما تسير أشعة جاما بكافة طاقتها بسرعة الضوء أن أشعة جاما تفقد الطاقة خلال االإلتقاء التصادفي الذي ينتج عن قذف الإلكترونات من النواة وهي قد تفقد جميع طاقتها أو جزء منها خلال الإلتقاء وإذا ما تم فقد جزء من الطاقة فإن الباقي يستمر في السير خلال الفضاء بسرعة الضوء بصفة فوتونات ذات طاقة أقل وكلما زادت طاقة فوتونات جاما زادت طاقة الإلكترونات المتحركة والإلكترونات التي تم إنتقال الطاقة لها من قبل فوتونات أشعة جاما تولد التلف في الوسط(بواسطة تأين وتهيج الذرات) ومتى ما تحرر الإلكترون بواسطة الفوتون فإن الحدث الذي يلي ذلك يعتمد فقط على خواص الإلكترون وليس على فوتون جاما الذي حررته .
كما أن قذف الإلكترون المشحون ( Energtic electron) بواسطة الفوتون الذي له طاقة مقدارها ( Mev1) مثلاً من النواة يعتبر تأين مفرد فقط . أن الإلكترونات عند تباطئها تولد عشرات الألوف من التأينات والتهيجات وأن التلف الناتج سوف يعتمد على عدد ونمط التوزيع الفضائي ( Spstial distribution)لهذه التأينات والتهيجات بدلاً من التأين المفرد الناتج من فوتون جاما .


توجد تطبيقات كثيرة ومتعددة ومفيدة لأشعة جاما منها الآتي :

التطبيقات الطبية لأشعة جاما:

تستخدم اشعة جاما في الطب لقتل الخلايا السرطانيةومنعها من النمو. حيث تنفذ اشعة جاما في الجلد وتعمل على تأيين الخلايا وهذا يسبب قتل تلك الخلايا. تُستخدَمُ في مجال الطبِّ .. لدراسة أمراضِ المخ .. والكبد .. والكُلَي .. والبنكرياس .. والغُدد الدرقيةِ .. وغير ذلك .
تتعرض هذه الأعضاء ُلجرعة بسيطة جدا بدرجة مدروسةٍ لتخترقَ الأعضاءَ بآلة تصويرٍ تعمل بأشعة " جاما " تُوضَعُ خارجَ الجسم .. كذلك يُستعملُ إشعاع" جاما " بصورة دقيقة فى مجال الطب لتدمير الخلايا السرطانيةِ الموجودةِ بالجسم .

التطبيقات الصناعية لأشعة جاما: 

تستخدم اشعة جاما في الصناعة لفحص انابيب البترول واكتشاف نقاط الضعف فيها. حيث تستخدم اشعة جاما في تصوير هذه الانابيب بتسليط اشعة جاما على الانابيب ويوضع فيلم حساس خلف الانابيب وتتكون صورة الظل على الفيلم حيث تظهر مناطق الضعف بصورة مميزة مثل تصوير عظم الانسان بواسطة اشعة اكس. كما تستخدم اشعة جاما في تخليص المواد الغذائية المصنعة من الجراثيم والباكتيريا وغيره. وتستخدم اشعة جاما في المفاعلات والقنابل النووية وفى المجال الصناعى يُوضَعُ منبعُ شعاع " جاما " أمام الشىء المطلوب فحصُهُ .. وتُسَجَّلُ الصورةُ على لوح فوتوغرافى يوضَعُ خلفَ هذا الشئ المرادِ فحصُهُ .. للتأكد من اللِّحامات .. كشف العيوبِ الموجودة . تستخدمُ أشعة " جاما " لتعقيم معلَّباتِ الأغذيةِ المحفوظة المُحْكَمَةِ الغَلْقِ .. كذلك تستخدمُ الأشعة لتعقيم خيوطِ العمليات الجراحية .. لأن أشعة " جاما " تعملُ على قتل البكتيريا الضارةِ الكامنة مع عملية التغليفِ .. حتى لا تتلوثَ هذه المعلباتُ .

التطبيقات العلمية لأشعة جاما: 

تستخدم اشعة جاما في تطوير المفاعلات والقنابل النووية والتجارب العلمية لكشف اسرار النواة يأمل فلكيون أن تساعد انفجارات من أشعة غاما تولد طاقة أقوى من كوادريليون شمس على التوصل إلى أغوار كونية سحيقة مغلفة في الغبار تعد الأرحام التي تولد منها النجوم. قال العلماء: ان أحد هذه الانفجارات ذات الطاقة الهائلة حدث هذا العام. والكوادريليون هو واحد وامامه 15 صفرا. ولا يعرف علماء الفلك الذين يحضرون مؤتمرا في بالتيمور حول انفجارات أشعة جاما سببا لهذه الظاهرة. ولكن قمرا صناعيا هولنديا ـ ايطاليا رصد احدها في 22 فبراير.
واكتشف لويجي بيرو العالم بالمجلس الإيطالي الوطني للأبحاث ومقره روما ان هذا الانفجار أحدث موجات صدمية انتشرت بسرعة مذهلة مثل فقاعة فضائية هائلة ولكن جدارا كثيفا من الغاز احتواها تماما. وقال بيرو: (الغازات الكثيفة لا توجد سوى في مناطق مكدسة جدا حيث تولد النجوم). وقالت فيونا هاريسون الفلكية بمعهد كاليفورنيا للتكنولوجيا: انه اذا كان هذا صحيحا فان انفجارات أشعة جاما يمكن أن تكون علامات كونية ترشد الى أماكن ولادة النجوم. أضافت: (انها علامات ارشادية الى حيث تتكون النجوم. علامات تومض خلال المادة المحيطة بها). وعلى خلاف الموجات الضوئية البصرية فان الغازات لا تعيق أشعة جاما التي تنفذ خلالها. واستطردت هاريسون تقول: (تفرخ النجوم في هذه السحب السديمية الجميلة المحيطة بها والتي تعيق رؤية النجوم نفسها.(واذا تفتت واحد من 100 من هذه النجوم الوليدة في انفجار بأشعة جاما فانه سيلمع ويمكن القول: ان نجوما قد تكونت). ويقول بيرو وهاريسون ان أكبر النجوم الوليدة يمكن أن تسمى انشطارات في أشعة جاما ولكنهما أكدا ان سبب هذه الظاهرة غير معروف. ويمكن تسميتها بالنجوم المستعرة وكتلتها أكبر من كتلة الشمس 50 مرة. تنفجر هذه النجوم الهائلة بمجرد ولادتها ولذلك يصعب رصدها. ولكن اذا كانت انفجارات في أشعة جاما فيمكن ملاحظتها من الأرض على مسافات بعيدة جدا. وأشار بيرو الى أن انفجار الثاني والعشرين من فبراير حدث على مسافة نحو عشرة مليارات سنة ضوئية من الارض. والسنة الضوئية طولها نحو عشرة تريليونات كيلومتر. ويذكر أن انفجارات أشعة جاما تم رصدها لأول مره في السبعينات بواسطة أقمار صناعية تراقب معاهدة حظر التجارب النووية. وحتى الان حدث 3000 انفجار توصل العلماء الى معرفة أماكن 40 منها فقط في الكون السحيق ويعتقدون انها تولد ثاني أكبر طاقة في الكون بعد الانفجار الاكبر. 
ويصعب جدا حساب قوة هذه الطاقة ولكن العلماء يفترضون انه اذا أمكن استغلال واحد في المائة فقط من هذه الطاقة فانها تلبي احتياجات الارض لمدة كوادريليون سنة.
واذا وقع انفجار في أشعة جاما وسط مجرة درب التبانة وكان باتجاه الارض فان الطاقة المتولدة عنه تزيد عن طاقة الشمس 100 ألف مرة ومن شأنها القضاء على كل اشكال الحياة على كوكبنا.

خطورة أشعة جاما والحماية منها:

التعرض لأشعة جاما يسبب تأيين للخلايا البشرية وتتسبب بصورة رئيسية في الإصابة بالسرطان. ولوقاية الاشخاص الذين يعملون في مجال اشعة جاما يستخدم حاجز سمكه 1سم من الرصاص حيث ان له أكبر معامل امتصاص لهذه الاشعة. 
تقطع اشعة جاما مسافات فلكية في الفضاء وتمتص هذه الاشعة فقط عند اصطدامها بالغلاف الجوي للكرة الأرضية. وبهذا يشكل الغلاف الجوي حماية للمخلوقات الحية من هذه الاشعة المدمرة وفي الشكل التوضيحي يبين تأثير الغلاف الجوي للأرض على الطيف الكهرومغناطيسي. نلاحظ أن الاشعة المرئية فقط هي التي تعبر الغلاف الجوي بينما الأطوال الموجية الأقصر تمنع من الوصول لسطح الأرض وذلك لأنها تمتص بواسطة طبقة الأوزون في الغلاف الجوي.

ماذا يمكن أن نرى بواسطة اشعة جاما؟

توضح الصورة المقابل كيف صورة للقمر باشعة جاما حيث يبدو موهجاً كالشمس، إن الرؤيا بواسطة مراصد تعمل باشعة جاما يتعطينا صورة لما يحدث في اعماق المجرات والنجوم والأجرام السماوية، حيث يطمح علماء الفلك من دراسة طيف اشعة جاما المنبعثة من تلك الأجسام فتح افاق جديد في الفيزياء والتحقق من النظريات التي تفسر نشأة الكون.
وأشعة جاما هامة جداً لعلماء الفلك لدراسة التفاعلات الكونية وهناك فلك خاص باسم (أشعة جاما) 



أشعة جاما في الطبيعة

في الطبيعة تنتج اشعة جاما من الشمس نتيجة للتفاعلات النووية وتصل طاقة اشعة جاما إلى مليون الكترون فولت. وتعتبر المجرات السماوية والنجوم المنتشرة في الفضاء من مصادر اشعة اكس. ويعمل علماء الفلك على دراسة هذه الاشعة بواسطة مراصد مخصصة لهذا الغرض لفهم اسرار هذا الكون. كما ان العناصر المشعة مثل ليورانيوم تنتج أشعة جاما باستمرار.

آلية تأثير أشعة جاما على الكائنات الحية الدقيقة:

تستخدم وعلى نطاق واسع أشعة جاما في تطبيقات التعقيم في الصناعات الطبية والصيدلانية والغذائية وتعقيم النفايات وذلك لقدرتها على قتل الأحياء الدقيقة.
ويتم تدمير الأنظمة الحيوية بفعل إشعاعات جاما عن طريقين هما:
التفاعل الغير مباشر والتفاعل المباشر (وهذان المصطلحان يطلقان لوصف تأثير أشعة جاما على مركبات منفصلة كالأنزيمات والأحماض النووية ولا يستخدمان لوصف التأثير على الكائن الذي نظامه الخلوي معقد التركيب الكيميائي كالخلية البكتيرية والفطرية).
التفاعل الغير مباشر يقصد به تأثير أشعة جاما المؤينة على جزيئات تتحول بعد امتصاصها لأشعة جاما إلى جزيئات أو جذور وإلكترونات تؤدي إلى إحداث تفاعلات كيميائية مدمرة للنظم الخلوية (Gazso,1997) تحقق التفاعل الغير مباشر بتأثير أشعة جاما على المذيبات، ولما كان الماء هو المذيب الأساسي للنظم الحيوية فإن الأثر الغير مباشر ينتج بالتالي من نواتج تأين جزيئات الماء إشعاعياً حيث الجذور النشطة جداً والإلكترون المائي كما في المعادلة التالية: 


H2O -----H2O +e
H2O------OH- +H

حيث اُقترح أن الجذر OH- يلعب أكبر أثر في التفاعل الغير مباشر وذلك بتفاعله مع الجزيئات الحيوية، أما الإلكترون المائي الحر فقد قللت بعض الأبحاث من دوره في تفاعلات الأثر الغير مباشر (Alpen, 1990) وفعّلت بعض الأبحاث دوره إلى درجة وضعه في مرتبة جذر الهيدروكسيل OH- في التأثير (Gazso, 1997) .
والمعادلات التالية توضح بعض التفاعلات الممكنة للجذور الطبيعية والإلكترون المائي المتولدة من تأين جزيء الماء إشعاعياً مع جزيئات مهمة خلوياً أو حيوياً: 
تفاعلات استخلاص الهيدروجين:

R–H+H.--------- R.+H2
R-H+OH.------- R.+H2
تفاعلات الفصل:

R–NH3++e--------R.+NH3

R–NH2+H.-------- R. +NH3



تفاعلات الإضافة:

R – CH = CH – R + OH.------ RCHOH – CH. - R



كما أن نواتج التفاعلات السابقة يمكن أن تدخل في تفاعلات أخرى مهمة مثل:
تفاعلات الاستعادة غير الأنزيمية للجزيئات الأصلية المحوّرة بفعل نشاط الجذور المتحررة بعد تأين الماء إشعاعيا: 
R. + R - SH ------R-H+R-S
وتفاعلات إعاقة الاستعادة غير الأنزيمية للجزيئات الصلبة حيث يتفاعل جزيء الأكسجين (O2)مع الجذور المتكونة من تفاعلات استخلاص الهيدروجين والفصل وينتج من اتحاد هذه الجذور مع (O2) تكون بيروكسيد الجذر الأكثر ثباتاً وتحملاً للاسترداد، والتفاعل مع (O2) تفاعل نهائي غير عكوس:
R. + O2 ---- R.+ Peroxide 
أما التفاعل المباشر فيقصد به التغير في الواقع الجزيئي للأهداف الخلوية من عضيات وجزيئات نشطة بفعل الأشعة المؤينة وليس بفعل جزيئات وجذور نشأت من تعرض جزيئات أخرى للأشعة المؤينة .
وغالبا يشار بعبارة الدمار الإشعاعي المباشر أو التفاعل المباشر إلى الأثر التدميري للأشعة المؤينة على المادة الوراثية للخلية لأنها أكبر هدف جزيئي في الخلية.
إن الـ(DNA) مكوّن من الجزيئات التي تحمل المعلومات الوراثية المعنية بالتضاعف والتجديد والانقسام وغيره من الوظائف المهمة خلوياً لذا فإن فقدها أو التأثير فيها يعدّ أمراً مؤثراً على بقاء الكائن وقدرته على الاستعمار، كما أن قدرة الخلية على الأيض قد تُفقد بسبب كسر الروابط وكسر السكر الفوسفاتي ودمار القواعد النيتروجينية.
ويمكن مجهرياً عند فحص الخلية أثناء انقسامها ملاحظة التغير في تركيب الكروموسوم نتيجة للتعرض لأشعة جاما، ولو شععت الخلية بعد انقسام الـ(DNA) فإن أحد الكروماتيدين قد يظهر عليه تغير لا متماثل. 
ونستدل على دمار الـ(DNA) بفعل الإشعاع بالتالي:
- في الكائنات الحية البسيطة كالفاج(phage) والفيروسات عموماً توجد علاقة كمية بين دمار مادتها الوراثية وتوقف وظائفها الحيوية.
- في الكائنات الحية الأكثر تعقيداً كالبكتيريا فإن علاقة دمار الـ(DNA) بفقد الوظائف الحيوية يتضح أيضاً ولكن هذه العلاقة معقدة نوعاً ما. 
- أن قدرة خلايا الأحياء الدقيقة على معاودة النمو بعد تثبيطه بالأشعة عائد إلى إصلاح دمار الـ(DNA).
- الكائنات الحية الدقيقة التي عرف عنها أن قدرتها على إصلاح الـ (DNA) ضعيف تظهر حساسية أكثر للإشعاع.
- الكائنات الحية الدقيقة تزداد حساسيتها للإشعاع إذا عوملت بمواد مؤثرة على قدرتها على إصلاح الـ (DNA ).

اعداد : طارق حسين

الثلاثاء، 29 يوليو 2014

التفاعل النووي :-

التفاعل النووي هو تفاعل يحدث عندما تصطدم نواتي ذرتين ببعضهما أو عندما يصطدم جسيم أولي مثل البروتون أو النيوترون بنواة ذرة ، وينشأ عن هذا الاصطدام مكونات جديدة تختلف عن المكونات الداخلة في التفاعل . وبصفة عامة هذا التفاعل قد يتضمن عدد أكبر من إثنين من المكونات الداخلة في التفاعل ، ولكن اصتدام أكثر من جسيمين في نفس اللحظة هو احتمال ضعيف جدا ، لذلك يندر هذا النوع من التفاعل . ومن خلال اصطدام الجسيم الأولي بالنواة تتكون أولا ما يسمي النواة المركبة ، التي تتحلل في وقت قصير جدا ، وينتج عن ذلك نواة جديدة مصحوبة بانطلاق جسيم أو جسيمات أخرى وربما حرارة . أما إذا افترق الجسيمان الداخلان في التفاعل من دون أن تختلف المكونات الناتجة عن المكونات الداخلة في التفاعل ، فلا يسمي هذا تفاعل نووي بل يسمي فقط اصطدام مرن.
 

نري في الشكل اصطدام الديوتيريوم (وهو نواة ذرة الإيدروجين الثقيل) بنواة ذرة الليثيوم-6 وتفاعلهما لتكوين النواة مركبة (هي نواة البريليوم-8 ) والتي تتحلل في الحال وينتج عنها نواتي هيليوم ( أي إثنتين من جسيمات ألفا ) . وفي ذلك الرسم مثلنا البروتون باللون الأحمر ومثلنا النيوترون باللون الأزرق.

Li-6 + H-2 --> 2He-4
كما يمكن أختصار هذه المعادلة بالصيغة التالية:
Li-6(d,α)α
وعلى وجه العموم فأحيانا يرمز الفيزيائيون التفاعل النووي بالرمز A(b,c)D
حيث A النواة الداخلة في التفاعل ، b الجسيم الذي يصطدم بالنواة ،وقد يكون بروتون أو نيوترون أو ديوتيرون أو جسيم ألفا أو غيرها ، و D النواة الناتجة من التفاعل ، و c الجسيم الناتج من التفاعل . وقد ينشأ عن التفاعل حرارة تحملها الجسيمات الناتجة على هيئة حركة ذات سرعة معينة . والآن نبدا في حساب تلك الطاقة النووية الناشئة أثناء هذا التفاعل .

حساب الطاقة الناتجة عن التفاعل :

قد ينتج عن التفاعل طاقة حرارية تظهر على هيئة طاقة حركة تحملها مكونات التفاعل الناتجة . وهذه الطاقة يمكن حسابها بواسطة معادلة أينشتاين E = mc² التي تعطي العلاقة بين الكتلة و الطاقة ، حيث m الكتلة ووحدتها الكيلوجرام و c هي سرعة الضوء في الفراغ و E هي الطاقة المعادلة لكتلة الجسيم . وبمعرفة الكتلة الساكنة لجميع الجسيمات الداخلة في التفاعل وطرح منها مجموع الكتل الناتجة من التفاعل ، نستطيع حساب الطاقة الناتجة . و توجد لكتل الجسيمات الساكنة جداول يمكن الاستعانة بها في ذلك .
تعطينا الجداول كتلة نواة الليثيوم-6 =6.015 [u] (وحدة كتل ذرية وهي أختصار للوحدة amu )
وتعطينا الجداول كتلة نواة الديوتيريوم =2.014 [u]
و كتلة نواة الهيليوم =4.0026 [u]
فنحصل على كتلة الجسيمات الداخلة في التفاعل = 6.015 + 2.014 = 8.029 [u]
وكتلة الجسيمات الناتجة من التفاعل = 2 × 4.0026 = 8.0052 u
نقص الكتلة = 8.029 - 8.0052 = 0.0238 [u]
وبمعرفة طاقة 1 MeV 931.49= u
يمكن حساب الطاقة الناتجة عن نقص الكتلة :0.0238 MeV 22.4 = MeV 931 x
وإذا أردنا حسابها الطاقة بالجول فيمكننا إجراء ذلك بالرجوع إلى جدول تحويل الوحدات(Conversion of units ) لتحويل وحدة ميجاإلكترون فولت MeV إلى جول.
نلاحظ أنه نتج عن التفاعل المذكور نقص في الكتلة ظهر في هيئة طاقة حركة تندفع بها الجسيمات الناتجة عن التفاعل وهذه ما هي إلا طاقة حرارية يمكن قياسها أيضاً بالجول . وقد حدث هذا النقص في الكتلة ومقداره 0.0238 [u] بسبب أن نواة ذرة الهيليوم هي أقوى النوايات الذرية على الإطلاق من جهة تماسكها ، فهي مكونة من بروتونين و نيوترونين ، ويتميزون هؤلاء الأربعة بأعلى قوة رابطة نووية بين جميع العناصر . ولهذا نجد أن نواة ذرة الهيليوم (جسيم ألفا) تظهر كثيرا كناتج في التفاعلات النووية لأنها تحتفظ على كيانها.
في تفاعلنا السابق وهو اصتدام الديوترون بنواة ذرة الليثيوم-6 نلاحظ أن كلا الجسمين له شحنة كهربائية موجبة مما تعمل على تنافر الجسمين عند اقترابهما من بعض ، لذلك لا بد أن يكون الديوترون على سرعة عالية حتى يستطيع التغلب على قوى التنافر وأن يصل إلى النواة ويصتدم بها . وهذا هو الحال دائما في حالة أن يحمل الجسيم المصتدم بالنواة شحنة موجبة (مثل البروتون والديوترون وجسيم ألفا) ، أما بالنسبة للنيوترون وهو متعادل وليست له شحنة كهربائية فتكون تفاعلاته مع النواة أسهل بكثير ، ولا يحتاج إلى سرعات عالية لكي يصل إلى النواة ويتفاعل معها .

حساب معادلة أينشتين بالجول :

E = mc²
نقوم الآن بحساب كتلة 1 [ u] ( وحدة كتل ذرية) بوحدة الطاقة الجول:
u .c2=(1.66054 x 10−27;kg) . (2.99792&108(m/s))2
=1.49292 × 10−10 kg . (m/s)2
 = 1.49242 × 10−10  جول
ويمكن تحويل وحدة الجول إلى وحدة MeV المستخدمة في الفيزياء النووية ، بالعلاقة الآتية:
جول 1MeV= 1.60218 × 10-13
وكما يتضح أن الكتلة و الطاقة ما هما سوى وجهين لأصل واحد ، كما نرى أن الطاقة يمكن التعبير عنها بوحدة إلكترون فولت أو مليون إلكترون فولت MeV أو الجول (Joule) أو في صيغة [كيلوجرام.(متر مربع/ثانية مربع)] وغير ذلك وهي موجودة في جداول لهذه التحويلات (تحويل الوحدات). ويفضل الفيزائيون استخدام الإلكترون فولت للتعبير عن الطاقة في نطاق الذرة والجسيمات الأولية لتفادي استعمال الجول الذي يكون في هيئة كسر صغير جدا .
وبناء على ما سبق يمكن كتابة معادلة التفاعل كالآتي :
Li-6 + H-2 --> 2He-4 + 22.4 MeV

حيث 22.4 مليون إلكترون فولت هي الطاقة الناتجة من التفاعل .
  

تفاعلات بين النيوترون والنواة :

يهتم العلماء بتفاعلات النيوترون مع النواة حيث تستخدم تلك النتائج في تشغيل المفاعلات النووية التي تنتج الطاقة الكهربائية وكذلك لتحسين القنابل النووية . ونعطي هنا بعض الأمثلة للتفاعلات التي تدخل فيها النيوترونات البطيئة:
6Li + n → T + α
10B + n → 7Li + α
37Ar + n → 34S + α
في كل من هذه التفاعلات مع النيوترون نري أن التفاعل مصحوب بأصدار جسيم ألفا وتغير العنصر الداخل في التفاعل إلى عنصر آخر أقل منه وزنا ، حيث فقد كل منهم بروتونين بالإضافة إلى نيوترونين (جسيم ألفا).
وأمثلة تفاعلات نووية للنيوترونات ينتج عنها بروتونات :
14N + n → 14C + p
22Na + n → 22Ne + p

وفي هذه التفاعلات أيضا نلاحظ أن العنصر الداخل في التفاعل مع النيوترون قد تغير إلى العنصر الذي يسبقه مباشرة في الجدول الدوري حيث فقد النيتروجين-14 بروتونا وتحول إلى كربون-14 في التفاعل الأول . وفي التفاعل الثاني تحول الصوديوم-22 إلى النيون-22 لفقده بروتونا واحدا أثناء التفاعل.


اعداد : طارق حسين